-A +A
حمود أبو طالب
خطير جداً أن يقف العالم متفرجاً صامتاً على ما تفعله إسرائيل في غزة منذ عام، وفي لبنان مؤخراً، متحديةً كل القوانين الدولية والقانون الإنساني، بوحشية مفرطة على مدار الساعة، دمرت الأرض والحرث والنسل، وجعلت مواطني غزة يعيشون حالة من أسوأ الظروف الإنسانية في التأريخ، وها هي تثابر لصنع نسخة مشابهة لها في لبنان.

في غزة ومساحتها الصغيرة، وبعد عام كامل، لم يعد هناك مبرر لإسرائيل في استمرار ما تفعله، بعد تدميرها لكل مقومات حركة حماس، وتصفية قياداتها، وحتى لو بقيت هناك مقاومة فإنها لا تستوجب هذا القدر من العنف المستمر ضد المدنيين؛ الذين تجاوز عدد ضحاياهم 43 ألفا إلى الآن، من المدنيين الذين لم يحملوا سلاحاً، ولا ذنب لهم فيما حدث ويحدث. إذا كانت القضية الانتقام من حماس فما حدث يكفي، أما مسألة تصفية فكرة المقاومة فذلك لن يتحقق طالما هناك احتلال وطالما إسرائيل ترفض مبادرات الحلول التي تحقق السلام، وبالتالي هل ستستمر إسرائيل في مشروع إبادة لا نهائي.


وفي لبنان يبدو أن الوضع سيكون أكثر سوءاً مما هو عليه الآن؛ لأن إسرائيل تقوم بتدمير ممنهج لقرى وبلدات بأكملها بذريعة تحييد أسلحة وكوادر حزب الله، رغم أنها بتقنياتها الاستخبارية المتطورة تستطيع التحديد الدقيق لأي مكان يوجد فيه سلاح واستهدافه دون حاجة لتدمير كامل محيطه بمن فيه. الأمر لم يقتصر على الشريط الحدودي ولا الضاحية الجنوبية فحسب، بل أصبحت إسرائيل تستهدف معظم مناطق لبنان، في الوقت الذي يعاني خلاله من فراغ رئاسي وتجاذبات بين مكوناته السياسية أفقدته مرجعية اتخاذ القرار، وقدرة التعبير عن موقف رسمي. نعرف أن لبنان يدفع ثمن مواقف ومغامرات حزب الله التي جعلت إسرائيل تتخذها مبرراً لما يواجهه الآن، ولكن ذلك ليس مسوغاً لهذا المعيار من العنف والتمادي في التدمير الذي قد يمهد لدخوله مرحلة حرجة.

إن المنطقة تمر بمرحلة شديدة الخطورة لن يقتصر تأثيرها على نطاقها الجغرافي فقط إذا استمرت دون وضع حلول عملية عاجلة لإطفاء الحريق، وأخرى مرحلية للتهدئة والحلول السياسية، كما أنه من الضروري تحييد رغبة أي طرف إقليمي من ممارسة الابتزاز لهذا الوضع من أجل أجندته الخاصة مهما كان ثمنها من معاناة البلدان والشعوب التي تعاني بشكل مباشر من هذا الوضع. ومع أن المؤشرات إلى الآن غير مبشرة للأسف، إلا أننا نتساءل هل هناك أمل بأن يستشعر المجتمع الدولي مسؤوليته بشكل جاد لتحدث مفاجأة إيجابية تحقق التهدئة، وتنقذ ما يمكن إنقاذه.